×  
بحث  
كل ما يهمك فى الحياة العملية والجامعية
المسيح

حقوق المرأة

على العكس مما تعيشه المرأة في شرقنا الأوسط، كيف تعامل يسوع مع حقوق المرأة؟

PDF More Share by Email Twitter Share Facebook Share WhatsApp Share

عاش يسوع المسيح في فلسطين قبل أكثر من ألفي عام من يومنا الحالي، وكانت نظرة يسوع للمرأة بعكس ثقافة الشرق في ذلك الوقت وفي يومنا الحالي.

لقد كانت المرأة تُعامل على أنها مُلْكِية، على أنها شيء وليس شخص. ونعلم بأن المعلمون اليهود (راباي)، كانوا يبدأون كل اجتماع في الهيكل بعبارة: "مبارك أنت أيها الرب لأنك لم تخلقني امرأة". لم يكن من الممكن للمرأة أن تُطلّق رجلها، بينما كان يحلّ للرجل أن يطلق امرأته لأي علةٍ أو سببٍ. كما أنّه لم يكن مُطالَباً بتأمين متطلباتها المالية، بل كل ما كان يفعله ببساطة هو أن يضع في يدها كتاب الطلاق ويرميها خارجاً.

كان المجتمع ينظر للمرأة على أنها ناقصة وأقل شأناً من الرجل، وكانت مُستبعدة من الحياة الدينية العامة، كما كان من النادر أن يُسْمَح لها بقراءة التوراة حتى ولو على انفراد وحدها.

تحدى يسوع الأعراف الثقافية بصورة مستمرة

شفى يسوع نساءً وصنع معجزات مع النساء كما مع الرجال وعن طيب خاطر. لقد كان يعلّم الرجال والنساء بغض النظر عن مؤهلاتهم الدينية، أو وضعهم الاجتماعي، أو معيشتهم. لقد أحب يسوع الناس وتفاعل مع الجميع وقبلهم جميعاً رجالاً كانوا أو نساءً على نفس القدر من المساواة. حتى أنه شمل اللصوص، والزانيات، والمصابين بالبرص، والنساء اللواتي ينتمين لطبقات متدنّية.

يعلّق الكاتب فيليب يانسي قائلاً: "لقد قلب يسوع الحكمة المتّبعة في عصره رأساً على عقب فيما يتعلق بالنساء والعوالم أو الطبقات المضطهدة المرفوضة. وبحسب الباحث في الكتاب المقدس والتر وينك، فإن يسوع انتهك أكثر الأعراف المتبعة في عهده في كل لقاء حدث بينه وبين امرأة يسجّله لنا الوحي في الأناجيل".1

لكن آلاف الناس تبعوا يسوع، بعضهم تبعوه لأجل تعاليمه، والغالبية تبعته بسبب معجزاته التي صنعها بينهم، فقد شفى مرضاهم. الأمر الذي جعل القادة الدينيين يمتعضون من شعبية يسوع ولذا وضعوا خطة مُحْكَمة هي التالية:

كانت الشريعة تطالب برجم المرأة التي تمسك وهي تزني، برجمها حتى الموت. (والغريب أنهم ولا مرة حاكموا الرجال لكنهم دائماً كانوا يمسكن النساء فقط ليقتصّون منهن). لقد وجد القادة الدينيين مثل هذه المرأة، وبإيعاز من المحرّضين جمعوا حشداً من الغوغاء الذين جروا هذه المرأة إلى يسوع. كانت المرأة واقفة بين الحشد وحيدة، مفضوحة، تنتظر مصير الموت. كان الحشد من حولها جاهزاً لرجمها ومستعداً لرميها بالحجارة.

كان الجميع قد سمع بتعاليم يسوع عن المحبة والعطف وضرورة أن نغفر بعضنا لبعض، ولذا قال المحرضون الدينيون الذين جمعوا الحشد الغوغائي بصوت عال ليسوع: «يا مُعَلِّمُ، أُمْسِكَتْ هَذِهِ المَرْأةُ مُتَلَبِّسَةً بِجَرِيْمَةِ الزِّنا. وَقَدْ أوْصانا مُوسَى فِي الشَّرِيْعَةِ بِأنْ نَرْجُمَ مِثلَ هَذِهِ المَرْأةِ، فَماذا تَقُولُ أنتَ؟»

وهكذا حاصروا يسوع على مبدأ "كش ملك" في الشطرنج:

- إن أمر يسوع بأن تُرحَم، فسيكون كمن يشجّع على الزنا وسيكون عدواً للقانون والأخلاق.

- وإن أمر يسوع بأن تُرجَم، فستكون كل تعاليمه عن الرحمة والغفران هباءً منثورا.

انحنى يسوع وبدأ يكتب على الأرض بإصبعه، فلمّا ألحوا عليه في السؤال وقف وقال لهم: «حَسَناً! مَنْ كانَ مِنْكُمْ بِلا خَطِيَّةٍ، فَلْيَكُنِ البادِئَ بِرَمْيِها بِحَجَرٍ» ثم انحنى مرةً أخرى وأخذ يكتب على الأرض.

"فَلَمّا سَمِعُوا هَذا، بَدَأُوا يُغادِرُونَ المَكانَ واحِداً بَعْدَ الآخَرِ بَدْءاً بِالأكْبَرِ سِنّاً. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ مَعَ المَرْأةِ الواقِفَةِ أمامَهُ.

10 فَوَقَفَ يَسُوعُ وَقالَ لَها: «أيْنَ هُمْ؟ ألَمْ يَحكُمْ عَلَيْكِ أحَدٌ؟»

11 قالَتْ: «لا أحَدَ يا سَيِّدُ.»

"فَقالَ لَها يَسُوعُ: «وَلا أنا أحكُمُ عَلَيْكِ. فَاذْهَبِي وَلا تَعُودِي إلَى الخَطِيَّةِ فِيما بَعْدُ»".2

لم يسبق وأن حدث أمر كهذا من قبل. هل يمكنك أن تتخيل مدى ذهول المرأة؟ أن يُكْتَبَ لها عمرٌ جديدٌ، وأن يصبح بإمكانها أن تذهب حرةً. لقد علم يسوع بأنه يوماً ما، قريباً جداً، وعلى الصليب، سيدفع ثمن زناها، ثمن كراهية الحشد، وغطرسة رجال الدين القساة. وأن خطايا العالم كله ستُلْقى عليه كي يشتري لها ولنا غفراناً.

وعلى الرغم من أنه هو الله، وهو صاحب الحق الوحيد في أن يدينها، إلا أنه كان قادراً أن يقول لها بصراحة: «وَلا أنا أحكُمُ عَلَيْكِ. فَاذْهَبِي وَلا تَعُودِي إلَى الخَطِيَّةِ فِيما بَعْدُ».

لقد قال يسوع بأن لم يأتِ لكي يدين بل ليطلب ويخلص من قد هلك. إنه مخلصنا، وهو يغيّر حياة من يعرفونه مثلما غير حياة هذه المرأة الأخرى.

المرأة الأخرى هي سامرية، أي تنتمي لمجموعة عرقية مكروهة لدى اليهود. وكان يسوع يهودياً، وإليك ما حدث:

كان يسوع يستريح عند البئر حيث كان جميع الشعب في تلك القرية يفدون إلى تلك البئر لسحب الماء الذي يحتاجون إليه في حياتهم اليومية. أما في ساعات القيظ ظهراً، حيث ترتفع درجات الحرارة، لم يكن أهل القرية يرغبون بالمضي إلى البئر في ذلك الوقت من النهار. لكن امرأة جاءت إلى البئر في ذلك الوقت لتستسقي لأنها لم تكن تريد أن يراها أحد. كانت تلك المرأة قد طُلّقت وتزوجت خمس مرات، وكانت تعيش مع رجل سادس ولكن من دون زواج هذه المرة. إذ لم تكن تجد أهمية من الزواج. وعلى الأرجح كان أهل قريتها ينظرون إليها بإزدراء بسبب هذا الأمر.

لذا تعلّمت كيف تدير حياتها، وتتجنب العار من خلال تجنب الناس ونظراتهم.

لقد عرفها يسوع إذ عرف ما في قلبها، ورأى احتياجها وأنه احتياج شديد أكثر من احتياجها للماء العادي. إنها بحاجة لماء يروي نفسها.

"لم يكن اليهود يكلمون السامريين أبداً، ومع ذلك كلمها يسوع وقال لها: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذا الماءِ سَيَعطَشُ ثانِيَةً، أمّا مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الماءِ الَّذِي أُعطِيْهِ إيّاهُ أنا، فَلَنْ يَعطَشَ أبَداً، بَلْ يَصِيْرُ الماءُ الَّذِي أُعطِيْهِ نَبْعاً فِي داخِلِهِ، وَيَتَدَفَّقُ مُعطِياً حَياةً أبَدِيَّةً.»".3

تحدثا سوية لفترة من الوقت، ولم تكتفي فقط بأن تؤمن بيسوع، ولكنها عادت مسرعة إلى أهل القرية بعد أن كانت تختبئ منهم. ذهبت لتقنعهم بأن يأتوا ليسمعوا يسوع، وهذا ما فعلوه! لقد تغيّرت حياتها من العار إلى الفرح. لقد غير يسوع المسيح حياة كل امرأة التقى بها.

ولعلّ أكثر ما يدعو للدهشة في تقدير يسوع المسيح للمرأة هو ما حدث بعد قيامته من بين الأموات. كان المسيح قد تعرّض للضرب المبرح، ثم سمّرت يديه ورجليه على الصليب حتى مات ثم دفن في القبر. وفي اليوم الثالث قام من القبر وعاد للحياة ثانية بجسده كما تنبأ عن ذلك مسبقاً. أتعلم من كلّم أول الكل، بعد قيامته من الأموات؟ كلّم نساءً.

يسجّل لنا الوحي في الأناجيل هذا الأمر الرائع. لم تكن للمرأة مكانة هامة في ثقافة ذلك العصر، ولم تكن القوانين الدينية تخوّلها أن تكون ناطقة رسمية عن خبر قيامته، إلا أن يسوع وكّلها أن تذهب وتذيع خبر قيامته وأعطاها هذا الدور أن تكون أول المتحدثين عن قيامته.

ويسوع المسيح يدعو الجميع، ليس النساء فقط، بل إنه يدعو جميع الناس ليؤمنوا به فتغفر لهم خطاياهم ويبدأون علاقتهم الشخصية مع الله.

 التعرف على الله معرفة شخصية
 إذا كان لديك أى سؤال أو تعليق على هذا المقال، رجاء أرسل لنا الآن

الحواشي: [2] يوحنا 8: 4-11 [3] يوحنا 4: 13-14

الحواشي: [1] Philip Yancey; The Jesus I Never Knew, pg 154, Zondervan Publishing House.


شارك مع أخرين
More Share by Email Twitter Share Facebook Share WhatsApp Share