×  
بحث  
كل ما يهمك فى الحياة العملية والجامعية
خطوط حمراء

خارج نطاق السيطرة

لا تفهم معظم الفتيات الجامعيات سبب إصابتهن بالإضطرابات الغذائية أو كيف يتلقين المساعدة من الله بهذا الخصوص. هذا مقال يروي خبرة إمرأة في حصولها على المساعدة في هذا المجال.

PDF More Share by Email Twitter Share Facebook Share WhatsApp Share

لقد عملت مع طلاب الجامعات لأكثر من 13 عاماً كنت أتحدث في نوادي الفتيات مع نساء كن يصارعن مع الإضطرابات الغذائية و مظهر الجسد،و هذا موضوع ذو أهمية كبيرة للمرأة في مجتمعاتنا في يومنا هذا. حتى أنني أنا شخصياً تعرضت لإضطرابات غذائية خطيرة في السابق لكنني تجاوزت ذلك.

دعوني أبدأ بصديقتين عرفتهما يوماً.

ندا:

كانت ندا تستيقظ صباحاً وتذهب إلى غرفة المعيشة وتتناول الكعك بكميات كبيرة دون أن تلاحظ أننا كنا ننتبه لذلك أو لكميات الكعك التي كانت تتناولها، وكانت تأتي بعد نصف ساعة وكأنها مستيقظة الآن و آتية لتناول الإفطار. ولكننا جميعنا نعلم أنها قد تناولت الكثير من الكعك، ذات ليلة كنت أنزل السلالم سمعت صوت خشخشة كيس بطاطس شيبس ورأيت ندا تلتهم الرقائق بشراهة، عرفت أن لديها مشكلة ولكنني لم أعلم ماذا أفعل فليس من واجبي أن أتدخل في حياة شخص آخر، كما أنها ليست الوحيدة التي تفعل ذلك،إضافة ًإلى أنني لم أكن أريد أن أخسر صداقتي بندا. فقد كانت هذه الصداقة مهمة جداً بالنسبة لي.

رانيا:

كان من الواضح جداً أن رانيا تفقد الكثير من الوزن كانت تبدو رائعة في البداية ولكن بعد فترة أصبحت نحيلة جداً خصوصاً عندما كانت تلبس الشورتات وكأنك تستطيع رؤية عظامها. سألتها عن السبب وأجابتني أنها كانت تحت ضغط في الفترة الأخيرة لذلك فقدتْ بعض الوزن ولكنها الآن على ما يرام. بدأت ألاحظ إنها كانت تذهب للصالة الرياضية مرتين يومياً وتتمرن هناك ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات في كل مرة. وكانت تبقى دائماً للدراسة عندما كنا نخرج لتناول العشاء وكانت تقول أنها أكلت في وقت سابق في غرفتها. لقد أدركنا نحن أصدقاءها أنها تفقد صحتها وتقوم بقتل نفسها وأنها على وشك أن تموت.

قد تكون تعرف شخصاً يعاني من الإضطرابات الغذائية، أو قد أن تتساءل إن كنت أنت تعاني من إضطرابات غذائية. إنه أمر شائع في الجامعات في أيامنا هذه. ربما كنت تتساءل عن كيفية التخلص أو العلاج من الإضطرابات الغذائية إذا كنت تعتقد أنك تصارع مع إضطراب غذائي فأنا أريدك أن تعرف أن هناك طريقة للشعور بالحرية ولمعرفة ما يعنيه الحب والقبول حقاً، نعم هناك طريقة أفضل من عدم الأكل أو الإستفراغ و سأوضحها لك، لكن في البداية سوف أساعدك على فهم ما تعنيه الإضطرابات الغذائية.

الخطوة الأولى في علاج الإضطرابات الغذائية هي: معرفة ما هي الإضطرابات الغذائية.

هناك نوعان رئيسيان: فقدان الشهية والشراهة،والذين يتعرضون عادةً لهذه الأنواع من الإضطرابات الغذائية هم الأشخاص المهتمون بمظهرهم الخارجي مثل الراقصات ولاعبي الجمباز وعارضات الأزياء والممثلون الكوميديون المحترفون ولكن من الممكن أن يتعرض أي شخص عادي لإضطراب غذائي.

تنشأ المشكلة عادةً في مرحلة المراهقة أو البلوغ،و تبدأ أثناء نقاط التحول أو الإستقلالية كالذهاب للدراسة في الجامعة أو عندما يكون التوتر كبيراً ولا يوجد متنفس للصراعات العاطفية أو الضغط. فقد تأتي بسبب الإنفصال عن صديق أو زوج. قد يتعرض الرجال أيضاً للإضطرابات الغذائية خاصة إن كان مصارعاً أو عداء مسافات طويلة أو أي شخص يكون الوزن الخفيف بالنسبة له مفيداً أو إمتيازاً. ولكن عادة النساء هن من يعانين أكثر من الإضطرابات الغذائية.

مساعدة للعلاج من الإضطرابات الغذائية: فهم ما هو فقدان الشهية

رفض الحفاظ على وزن الجسم العادي عادة يكون وزن المصابين بفقدان الشهية أقل 15% من المعدل الطبيعي و لكن إن كنت نحيفاً هذا لا يعني بالضرورة أنك تعاني من فقدان الشهية. حيث أن الوراثة تلعب دوراً في هذا الموضوع أيضاً.
الخوف الشديد من إكتساب الوزن أو أن يصبح الشخص بديناً. تقريباً يوجد هذا الخوف لدى جميع المراهقين (قد إعتدت على الدراسة وأنا واقفة لأني أحرق سعرات حرارية أكثر مما لو كنت جالسة)ويسود عند الأشخاص غالباً نظام تمرين متقدم بدرجة كبيرة وأحياناً يكون قاسياً ويمتد لساعات في اليوم الواحد أو أكثر من مرة في اليوم.
صورة مشوهة عن الجسم. فترى الفتاة نفسها سمينة مع أنها أقل من المعدل الطبيعي ( أي مقارنة بطوالها)
غياب الدورة الشهرية (الطمث) لمدة ثلاث أشهر متتالية وهذه حالة موجودة أيضاً عند الفتيات الرياضيات ولكن ليس بضرورة أن يكون لذلك علاقة بفقدان الشهية.
مع الجوع الشديد أي عندما تصبح الإضطرابات الغذائية قوية يصبح هناك إكتئاب وفتور ولا مبالاة.

لدى أناس كثيرة واحدة أو أكثر من هذه الأعراض.

مساعدة لعلاج الإضطرابات الغذائية: فهم "الشراهة"
تشخص الشراهة بهذه الطريقة:
الرغبة الشديدة في الأكل حتى بعد الوصول إلى نقطة الشبع ( هذه الرغبة لدى الكثير من الناس الذين لديهم شراهة غذائية ويتلذذون بالتهام بأغذية معينة)
فقدان السيطرة على الأكل.
يستخدم الشخص عادة الصيام والتقيؤ والأدوية المسببة للإسهال ومن ثم يخسروا السوائل و يصابوا بالتعرق و الإستسقاء.
تذبذب في الوزن نتيجة الصيام والشراهة بأكثر من 3 كجم. فقد يكون وزن المصاب يتراوح حول الوزن الطبيعي ( أقل أو أكثر ).
لا أحد يعتزم التقيؤ كطريقة للتحكم في الطعام اليومي. عادة يحدث ذلك بعد القيام به لأول مرة بعد حفل عشاء كبير ويتكرر ذلك بسبب عدم السيطرة على التهام كميات كبيرة من الطعام حيث يتم التخلص من الطعام مرتان أو ثلاث مرات يومياً قبل أن تدرك ذلك.

قد تصل الفتاة الفاقدة للشهية إلى نقطة خفضت عندها مقدار طعامها كثيراً فيثور جسمها بحيث لا تستطيع أن تكتم جوعها وتبدأ في أكل كميات صغيرة ثم كميات أكبر ومن ثم تصبح شرهة وبعدها تستخدم الأدوية المسهلة أو تلجأ إلى الإستفراغ.

لماذا يعد العلاج من الإضطرابات الغذائية أمر مهماً؟

هناك نسبة معدلات وفاة تقدر بـ 15 – 20% ممن يموتون بمرض فقدان الشهية. حيث يقوم الشخص بالإمتناع عن الطعام حتى يموت حتى أن المخ والقلب يمكن أن ينكمشا ويتسببان في بعض المشاكل الكبيرة.

قد تحافظ المرأة التي تعاني من الشراهة على وزن ضمن المعدل بحيث يمكنها أن تعتقد بأنها لا تعاني من أي خطر. ولكن التقيؤ المتواصل يمكن أن يتسبب بخلل من الألكتروليت وبعدم إنتظام في نبضات القلب، أو بأزمة قلبية أو بالجفاف أو تسوس الأسنان أو النزيف الداخلي أو تمزق في المعدة أو تمزق في الأوعية الدموية أو بالفشل الكلوي . . إلخ. وأنا شخصياً أعرف فتاة تضرر صوتها وأصبح أجش بشكل دائم نتيجة لفقدان الشهية.
فقدان الشهية والشراهة شكلان من أشكال الإنتحار البطيء

من المفيد أن نعرف الأسباب المؤدية للإضطرابات الغذائية:

هناك أشياء كثيرة تساهم بجعل الشخص معرضاً للإصابة بإضطرابات غذائية:
تؤكد ثقافتنا أهمية المظهر الجسدي لتحقيق النجاح المهني والجنسي والإجتماعي.
علاقاتنا الأسرية: إن إصابة أحد أفراد العائلة بالاضرابات الغذائية لا يعني أن هذا الشخص وحده تعرض لذلك بل أن هناك خطر على العائلة بأكملها فهناك إحتماليات كثيرة، ربما تبدي العائلة أهمية كبيرة للمظهر الخارجي أو أن العائلة لا تسمح لك بالتعبير عن مشاعرك وخاصة الغضب ،وأحياناً يكون وضع العائلة فوضوي من حيث الإدمان على الكحول. وأحياناً ما تصعب السيطرة على مشاعر القلق وعدم الشعور بالأمان لذلك يتحول الشخص للطعام كمصدر راحة.
إن السبب الثالث يتعلق بميزات الشخصية. حيث يميل الأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض إلى أن يكونوا مثاليين يحققون أهدافهم، و هم أشخاص لديهم إحساس أخلاقي عالي، كانوا في صغرهم أطفالاً مطيعين، يحاولون إرضاء أنفسهم والآخرين و إخفاء غضبهم عن أنفسهم وعن الآخرين أيضاً، غير واثقين من إحترامهم لذاتهم و يشعرون أن عليهم دائماً أن يثبتوا كفاءتهم.

قد وصفت إمرأة ذلك بقولها: إن لدي هذه العقدة في معدتي لم أدرك ذلك أبداً من قبل، لقد أصابتني هذه العقدة من القلق "منهم". لا أعلم من هم لكنني قلقة من أن يرونني على حقيقتي فعلاً ليس كشخص بالغ وناضج بل كطفل غير واثق.

قد نواجه هذه المشاعر يوماً ما في حياتنا. لكن الشخص الشره يشعر بذلك أكثر من غيره فالمرأة السابقة تحاول أن تسيطر على تصرفاتها ولكنها قد تكون خائفة من الإخفاق فهي تشك بمظهرها الخارجي بذكائها وبمواهبها وتشعر أنها غير قادرة على التحكم بوزنها.

قصتي في العلاج من الإضطرابات الغذائية:

دعوني أروي لكم قصتي الآن بعد أن شرحت لكم كل ذلك. لقد نشأت في منزل يبدو ممتازاً ظاهرياً. كنا نملك المال وأكبر منزل في المنطقة وفي ذلك الوقت كنا نذهب في الأجازات إلى أماكن غريبة ،بدا ذلك رائعاً ولكن داخل المنزل كنّا كل شيء غير ذلك. كان أبي مدمناً على الكحول و على العمل يسافر كثيراً، وبالرغم من أنه كان لدي كل شيء رغبت به، لم يكن لدي حب وقبول من أبي، قد تعلمت منذ صغري أن لا أثق به أو أن أعتمد عليه لأنه كان دائماً يخيب أملي ويخذلني. كان يعدني دائماً "سوف أكون على العشاء اليوم في المنزل حبيبتي أعدك" وكالعادة تمضي ليلة أخرى أذهب فيها إلى السرير دون رؤيته. " سأستقل الطائرة القادمة وآتي لمشاهدتك وأنت تمثلين في المسرحية، لن أفوّت ذلك مهما يحدث" وأنظر بين الجمهور أبحث عن وجهه ولكني لا أراه.

المظهر والمركز كانا مهمان جداً بالنسبة لأبي؛ ماذا تلبس ، كيف تبدو، شكل المنزل الذي تملكه، نوع السيارة التي تقودها. مقدار الأموال التي تملكها وغير ذلك من أمور مادية وظاهرية. لذلك تعلمت منذ صغري أنه " لا يهم ما أنت عليه من الداخل فالمظهر الخارجي هو الأهم."

ولأن والدي كان مدمناً كان منزلنا غير مستقر. فمن غير الممكن أن تتنبأ بالحالة التي يعود عليها فلا ندري إن كان سيعود سكراناً أم لا ولا إن كان في مزاج جيد أم لا، أو هل سنستيقظ في الليل لنجده يصرخ، وهل ستأتي الشرطة،وهل عندما نستيقظ سنجده غادر مرة أخرى في منتصف الليل .

مع أنني كنت بحاجة لحبّهِ وقبولهِ بشدة إلا أنني لم أشعر بذلك أبداً، لذلك حاولت أن أتصرف بطريقة جيدة؛ أن أحصل على أعلى الدرجات. وأن أكون الأفضل في كل ما أقوم به فقط لكي أسمع منه "أحسنت حبيبتي لقد كنت رائعة وقمت بعمل رائع."

إستيقظت ذات يوم فوجدت أبي وأمي يتشاجران. لقد أقام أبي علاقة مع امرأة أخرى وطلبت أمي منه الطلاق، كنت خائفة جداً ومفزوعة ووحيدة. كنت بعدها أذهب إلى غرفتي وأشاهد التلفاز لكي لا يعلموا أنني سمعتهم وهما يتشاجران. ولم يعلم أي منهما أنني كنت أستمع إليهما طويلاً. ماذا أفعل لمن سألجأ ؟ ولكن لدينا قاعدة" ما يحدث داخل البيت يبقى داخل البيت " فلدينا صورة يجب أن نحافظ عليها.

لقد كنت أقضي كل الوقت في غرفتي. صنعت عالمي بنفسي كنت مدمنة على مشاهدة التلفاز كنت أتابعه بشغف حتى أنني أصبحت أقلد من يظهرون فيه أصبحت أبتعد عن كل من هم حولي لكن درجاتي العلمية بقيت مرتفعة لذلك لم يتدخل أحد بشؤوني الخاصة. ولكني كنت أموت من الداخل مع أن الخارج كان يبدو جيداً

وجاء أسوأ يوم في حياتي؛ حضر أبي وأمي وأخبرانا أنا وشقيقتي أنهما سوف يتطلقان. إعتقدت أنني سوف أموت أخبرني والدي أن أمي قد هدمت حياته وهي السبب في كل ما يحدث لنا وأننا سوف نصبح فقراء لا نملك شيئاً، ليس لدينا مكان نعيش فيه ولا طعام ولا حتى تعليم. لقد أخافني ذلك كثيراً.

لقد كنت أبلغ 15 عاماً في ذلك الوقت. بعدها بدأت بالخروج مع أصدقائي كنت أسمعهم وهم يتحدثون عن الشراهة الغذائية والبرامج الخاصة بالتغذية وعن القيام بالتمارين الرياضية بدا ذلك مسلياً بالنسبة لي فقلت لنفسي أنا أيضاً بحاجة للتغيير في حياتي. فبدأت بممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة في اليوم وبعدها ساعة وبعدها ساعات عديدة في اليوم بدأت أفكر في كم من السعرات الحرارية يمكنني أن أحرق لو تدربت أكثر أو لو سلكت طريقا أطول للوصول لمحاضرتي أو لو ألغيت وجبة الإفطار. كان الناس من حولي يخبرونني أنني أبدو بشكل أفضل بعد أن فقدت بعض الوزن لذلك بعدها توقفت عن تناول العشاء وتقليل وجبة الغداء كنت أتناول فقط بضع مئات من السعرات الحرارية في اليوم.

فقدت 2كجم من وزني ثم 4 كجم وبعدها 6 كجم وبعدها 8 كجمً وأصبحت أتدرب 5 – 7 ساعات يومياً. كان كل ما أفكر فيه هو ما أتناوله وكم يحتوي على سعرات حرارية وكم حرقت منها. وكيف يمكنني أن أتخلى عن وجبة الغذاء ووجبة العشاء. أصبحت حياتي خارجة عن السيطرة كنت وحيدة جداً لم أشعر بالأمان أبداً ، وما بدأ صغيراً في البداية أصبح محط تركيزي الآن. بعد أشهر أصبح وزني 50كجم وبعدها 40 كجم, كان بقائي على قيد الحياة معجزة. ومع ذلك كنت ما أزال أعتقد أني سمينة وعليّ أن أفقد المزيد من الوزن لأصبح بعدها سعيدة وراضية عن شكلي ولكي يحبني الناس من حولي.

علاج الإضطرابات الغذائية

لقد وضعت في عيادة صحية لمدة 3 أشهر. كنت غاضبة وكنت حاقدة على والدي وعلى الطبيب الذي وضعني في هذه العيادة وكيف استطاعوا أن يتدخلوا في حياتي. سوف أريهم سوف أخرج من هنا وأصبح فتاة جيدة. سوف أفعل ما يريدونه وبعدها أتولى أنا السيطرة على حياتي من جديد وأعود نحيلة كما كنت.

كان ذلك ما فعلته لقد فعلت كل ما أرادوا مني فعله والآن خرجت من تلك العيادة حيث كنت أتلقى علاجاً، تعلمت بعض الأمور، لقد حاول المعالجون أن يعرضوا علي الكثير من الأشياء لكي أخرج عن النمط الذي كنت أعيش فيه ولكي أتخطى الألم الذي كنت أحس به.

بعد خروجي بدأت أعود إلى ما كنت عليه، إن مرض فقدان الشهية هو أحد المسببات التي تؤدي إلى وفاة الكثيرين في الحقيقة لقد كنت مع 14 فتاة وشاب في العيادة وبعد 3 سنوات من خروجي كنت الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة و الباقون ماتوا بسبب الإضطرابات الغذائية أو بسبب الإنتحار.

أين وجدت المساعدة للتخلص من الإضطرابات الغذائية؟

لقد أدركت بعد كل ما مررت به أن محاولتي القيام بكل شيء بنفسي لم تنجح كثيراً. أتذكر ذات ليلة عندما كنت قد مللت من حياتي كلها وكنت أبكي لله. أخبرته بشعوري وصليت إليه وطلبت منه المساعدة. أنا لست واثقة لماذا التجئت لله في هذه المرحلة. لكن ربما لأني كنت أعلم في داخلي أنه لن ينجح أي شيء آخر سوى ذلك. كنت أعلم بأني لست قوية بما فيه الكفاية لأتابع حياتي على هذا الشكل وكنت أدرك أهمية وجود شخص آخر في حياتي يمكنه أن يساعدني على أن أشعر بالحب والقبول. لقد عانيت لسنوات عديدة بسبب الإضطرابات الغذائية وأخيراً وجدت حلاً للخروج من كل هذا.

يستطيع الخبراء والأطباء أن يشفونا جسدياً وعاطفياً ولكنهم يهملون البعد الثالث والذي يعد مهما تماماً ألا وهو البعد الروحي. أنا أعلم تماماً أن سبب بقائي على قيد الحياة حتى هذا اليوم هو معرفتي بالله خالق الكون وبيسوع المسيح إبن الله. دعوني أشارك ذلك معكم بإختصار كيف تلقيت المساعدة.

عندما إلتجأت إلى الله بدأت حياتي بالتغيير تدريجياً. مع أنني كنت أصارع مع الطعام والتمارين الرياضية إلا أني شعرت بسلام في داخلي لم أكن أشعر به من قبل. بدأت بالصلاة و بقراءة الإنجيل وكنت أخبر الله بكل ما كنت أشعر به، تعلمت الكثير عن محبة الله وقبوله لي وغفرانه لخطاياي. وأدركت تماماً أنه هو الوحيد القادر على مساعدتي من الداخل. أدركت أن الله يحبني وعلمت أنه يسيطر على مجرى أمور حياتي وأنه يقوم بكل ما هو صالح وجيد من أجلي ومن أجل كل الذين يحبونه.

دارت هذه الفترة خلال 10 سنوات وقد تطلبت علاجاً روحياً وجسدياً ونمواً روحياً حيث أن الله خلصني من الظلام والموت ومنحني الحرية والنجاة.

أصبح الله هو مصدر العلاج الأكبر لإضطراباتي الغذائية ولحياتي.

لقد عانيت طوال سنين عديدة ولكن كلما كنت أتعلم عن الله و أختبر محبته وقبوله لي كنت أتغيير أكثر ويقل إهتمامي بنوعية وكمية الطعام الذي أتناوله والتمرينات التي أقوم بها ومحبة الناس وقبولهم لي. يبدو هذا مضحكاً إذ أني منذ صغري رفضت الله وكنت أكرهه و بالرغم من ذلك فإن تحولي هذا ومحبتي له كانت جذرية. إن قراري هذا الذي أخذته وعمري 17 عاماً أثر على حياتي بالكامل وأنا واثقة من أنني ما كنت على قيد الحياة الآن لو أنني لم أثق بالله أو لم أؤمن به.

الآن أنا لا أعاني من أية إضطرابات غذائية يقول الإنجيل "إن الحق سوف يحرركم" وحقيقة الله حررت حياتي، كنت أبكي كثيراً وأتألم أما الآن فبإمكاني أن أقوم بتمارين رياضية بحدود المعقول.

بإمكاني أن آكل ما أريد دون أن أهتم بحساب وعدد السعرات الحرارية في كل وجبة. أنا أعلم الآن أن الآمان في حياتي وثقتي بنفسي لا تعتمد على شكلي أو على ما أبدو عليه أو ما أفعله بل على ما يعتقده الله بخصوصي.

أنا أحب الحياة الآن، لدي أصدقاء كثيرين والأمر لا يتعلق بمظهري ، بالتأكيد أنا أريد أن أبدو بصورة جيدة أريد أن أتمتع بجسد جميل ولكن في حدود المعقول وليس في الحدود غير المعقولة و الحقيقة المهمة التي أدركتها أن هناك حرية ومتعة وشبع حقيقي عند الله وحده.

في النهاية، دعوني أخبركم عن إمرأة تدعى ماري وازيتر كانت لاعبة جري أولومبية كانت تعاني من فقدان الشهية كانت طالبة دخلت الجامعة عن طريق منحة دراسية وكانت كل الأمور تبدو جيدة في حياتها وذات يوم من أيام شهر شباط في ليلة باردة رمت بنفسها في مياه النهر. لكنها قد نجت من محاولة الإنتحار هذه و الآن هي تستخدم كرسي متحرك مشلولة من رقبتها وحتى أسفل جسدها.

بعد تجربتها هذه كتبت قائلة: "لقد تعلمت حقائق كثيرة عن الحياة في الأشهر القليلة الماضية أحد هذه الحقائق هي أن الرضا الحقيقي لا يتم الحصول عليه بالطرق التي يناضل الناس من أجل تحقيقها وإنجازها. فلم أنل الرضا الحقيقي عن طريق كوني طالبة أو لاعبة أولومبية بل عن طريق علاقتي بالله ومعرفتي إياه فلقد أعطاني سلاماً وفرحاً مختلفا في حياتي.

من الملفت أن ماري وازيتر قد تلقت علاجاً نفسياً قبل قيامها بمحاولة الإنتحار مما يعني أن الأطباء النفسيين لم يتمكنوا من مساعدتها ، وتقول أن حل مشكلتها هو "أنها أدركي أن الله أحبها وقبلها كما هي وقام بمعالجتها روحياً."

أنا أؤمن كما تؤمن ماري وازيتر أن الحل لهذه المشاكل هو إقامة علاقة شخصية روحية مع الله. لقد وجدت أنا شخصياً أن حل المشاكل الغذائية والمشاكل الأخرى يبدأ بعلاقة شخصية مع الله عن طريق يسوع المسيح. لقد تغيرت حياتي وطريقة نظرتي إلى نفسي والله يذكرني كل يوم بحبه لي بغض النظر عن شكلي. فهو يحبني كما أنا حتى ولو لم أكن حسب مقايسي الخاصة..

 لقد قبلت يسوع مخلصاً شخصياً.. ماذا ينبغي عليّ أن أفعل بعد ذلك؟
 التعرف على الله معرفة شخصية
 إذا كان لديك أى سؤال أو تعليق على هذا المقال، رجاء أرسل لنا الآن

شارك مع أخرين
More Share by Email Twitter Share Facebook Share WhatsApp Share